بناء حملة: من أين تبدأ
حين تعمل مجموعة من الناس معاً لتحقيق هدف يتضمن تحدي السلطات وإحداث تغيير في العالم، فهؤلاء نشطاء ينظمون حملة.
ستتكون حملتهم من نشاط وحدث واحد أو أكثر، تعمل جميعها على تحقيق ذلك الهدف. لذا، عند بناء حملة ما، من الحكمة أن تبدؤوا بتحديد هدفكم. أطلقوا العنان لأحلامكم، ولكن حددوا هدفكم بدقة.
هدفكم
حين تبدؤون بحملة جديدة، أو حتى حين تعيدون النظر في حملة قديمة، من المفيد دوماً الرجوع خطوة إلى الوراء والتساؤل: «ما هي الخطوط العريضة لهدفنا؟».
من المهم أن تعبّروا عن هدفكم ببساطة، وأن يفهمه كل أعضاء الفريق. وإذا وصلت حملتكم إلى مكان غير متوقع، أو لاحت في الأفق فرصة جديدة مفاجئة، قد يساعد هدفكم العام المحدد مسبقاً على اتخاذ قرارات بشأن الخطوات التالية.
نظرية التغيير
تطوير «نظرية تغيير» خاصة بكم وهي وسيلة بسيطة وفعالة تساعدكم على استكشاف كيفية تحقيق هدفكم، وهو ما يقتضي التفكير في التغيير الذي تودون رؤيته في العالم، والأمور التي تظنون أن عليكم فعلها لتحقيقه.
يمكن التعبير عن نظرية التغيير، في أبسط أشكالها، بجملة واحدة معتمدة على هذه الصيغة: «من أجل تحقيق س، يجب علينا فعل ع». إليكم بعض الأمثلة عن نظرية التغيير:
– «من أجل وقف الفساد في وزارة الصحة، علينا فضح الممارسات المالية الفاسدة للوزير».
– «من أجل وقف سوء معاملة الحكومة اللبنانية للاجئين السوريين، علينا الضغط على الدول المانحة لاستخدام نفوذها والمطالبة بالتغيير».
– «من أجل الحؤول دون نضوب التمويل الإنساني، علينا كسر الصمت إزاء الظروف البائسة في مخيمات النازحين».
بعض المؤسسات أو منظمي الحملات يفضلون استخدام نظريات تغيير أكثر تعقيداً، تتضمن خطوات متعددة ومختلفة، تتطلب منكم مثلاً تلخيص جميع افتراضاتكم. إلا أن التعبير عن نهج حملتكم بهذا الشكل البسيط (من أجل تحقيق س، علينا القيام بـ ع) طريقة ممتازة لتوضيح ما يتعين عليكم القيام به لتحقيق هدفكم.
يمكنكم تبسيط أو تعقيد التغيير كما تشاؤون، ولكن إليكم بعض الأسئلة التي تساعدكم الإجابة عليها في اتخاذ القرار:
- ما هو التغيير الذي تريدون إحداثه في العالم بالتحديد؟
- من/ما هو العائق في وجه تحقيق حلمكم؟ حدّدوا الأفراد الذين تحتاجون إلى إقناعهم، وضعوا قائمة بكل من يمكنم العمل معهم لإحداث التغيير.
- ما الذي قد يقنع الناس بإجراء هذا التغيير؟ دليل جديد، ضغط عام، حكم قضائي، تقرير استقصائي…؟
- ما هي المهارات والروابط والموارد التي يمكنكم استخدامها لإحداث فارق؟
- هل هناك تواريخ أو قرارات أو أحداث رئيسية قادمة يمكنكم التأثير فيها؟
- ما معيار نجاحات وانتصارات وخسائر الحملة؟
بمجرد التوصل إلى نظرية تغيير مقنعة، يصبح التفكير في قصة الحملة التي تريد أن تحكيها أسهل بكثير، فضلاً عن التكتيكات التي تتناسب مع نظريتكم للتغيير، والتي ستساعدكم في تحقيق رؤيتكم.
ارووا قصة، توجهوا إلى خيال الناس
ستسعى حملتكم طبعاً إلى تشجيع الأشخاص على القيام بالأفعال. ولكن لا يمكنكم مطالبة الناس بالقيام بالأفعال على الفور. ينبغي عليكم بناء قضية متماسكة، وتقديم حجة مقنعة، ورواية قصة ملهمة لخيال جمهوركم المستهدف. وستكون صياغة هذه القصة من أهم ما ستفعلونه خلال الحملة.
إليكم بعض النصائح للبدء:
- افهموا جمهوركم وامنحوه تركيزكم. ولا تحاولوا مخاطبة العالم أجمع.
- تحدثوا إلى جمهوركم، واكتشفوا ما يهمّهم، وماذا يقرأون ويشاهدون ويفعلون في وقت فراغهم؟
- اكتبوا رسائلكم الرئيسية، والتي ينبغي أن تتضمن المشكلة والسبب والحل.
- تأكدوا من حصولكم على الدليل الذي يدعم حجتكم.
- بصفتكم منظمين للحملات الحقوقية، تأكدوا من تركيز اهتمامكم على الإنسان. وارووا قصصاً عن الناس، عن آمالهم وأحلامهم وتحدياتهم وانتصاراتهم.
دراسة الحالة
تذكر الدكتور معاذ
- اعطوا جمهوركم عملاً محدداً وملموساً يقومون به بشكل يغذي التغيير الذي تريدون رؤيته بشكل مباشر.
دراسة الحالة
تغيير موقف إيطاليا في 26 ساعة
- اجعلوا جمهوركم جزءاً من قصتكم، ولا تنسوا إخبارهم بمجرياتها. فإدراك الناس لأهميتهم وتأثيرهم سيشكل حافزاً لديهم للمبادرة من جديد.
دراسة الحالة
«قد فشلنا»
المحاججة
عليكم التفكير ملياً في الحجج التي تقدمونها في حملتكم، خاصة إذا كنتم تعملون على مواضيع مثل حقوق الإنسان، إذ ستجدون من يجادلكم ويتحدى حججكم.
في كتاب قواعد المحاججة (A Rulebook for Arguments)، يقدم أنتوني ويستون أسلوباً مفيداً لبناء الحجج.
- «لتقديم حجة ما، عليكم أولاً التأكد مما تحاولون إثباته. ما هو استنتاجكم؟ تذكروا أن الاستنتاج هو المقولة التي تقودكم الأفكار إليها، أما المقولات التي تنطلق منها أفكاركم فهي افتراضاتكم».
- «بغض النظر عن قوة حجتكم، بدءاً من الافتراضات ووصولاً إلى الاستنتاج، سيكون استنتاجكم ضعيفاً إذا كانت افتراضاتكم ضعيفة».
- «حين تبدؤون بتشكيل موقف، حوّلوا فكرته الأساسية إلى حجة. جهّزوا ورقة مسودة كبيرة وصيغوا افتراضاتكم واستنتاجكم في الخطة العامة».
- «بمجرد صياغة الفكرة الأساسية كحجة، عليكم الانتقال إلى المرافعة والتطوير».
رسالة أمل
إذا كنتم منظمين للحملات الحقوقية، ثمة احتمال كبير بأن ما يحرّككم هو حنقكم على الظلم الذي ترونه في العالم. من المغري التفكير بأن حملتكم ستكون مؤثرة في حال عرضت صوراً مروّعة: ضحايا الحرب أو الفقر أو التمييز. فلعلكم إذا تمكنتم من إحداث صدمة لدى جمهوركم بهذه الصور، ستتمكنون من دفعهم لاتخاذ الإجراءات اللازمة؟
من المؤكد أن الصور الصادمة قد تدفع الناس في بعض الأحيان إلى التفاعل. في حالة سوريا، أثارت صورة جثة الصبي ذي الثلاث سنوات آلان كردي، والملقاة على الشاطئ عام 2015، موجة تغطية إعلامية واسعة. بيد أن ما تعلمناه من تجربتنا الخاصة هو أن الصور المروعة تخلق ردة فعل قصيرة الأمد لا تتجاوز حالة الرعب الأولية. قد يكون هذا مفيداً في بعض الأحيان، وقد يلفت الانتباه إلى قضيتكم، لكن من الممكن أن يكون له أثر عكسي أيضاً: إذا كانت الحالة عنيفة، قد تجبر الناس على إشاحة نظرهم. إذا كنتم تريدون حقاً أن يفهم الناس قضية ما وأن يتخذوا إجراءات بشأنها، عليكم أن تُظهروا وجود الأمل، وأن في وسع الجميع المساعدة.
لقد حاولنا دائماً في حملاتنا إظهار أن:
- الحلول موجودة. مهما كانت الأحوال قاتمة، ثمة دائماً أمور يمكن فعلها. قد لا تكون هذه الحلول سهلة المنال، وقد تضطر إلى تخصيص وقت للتفكير في ماهيتها. ولكن لكل مشكلة حل، وكمنظمين للحملات، من واجبكم أن تعثروا عليها وأن تبيّنوا للناس دورهم المحتمل.
- جهود الأبطال. سوريا عامرة بالأبطال. بعضهم يعمل في منظمات، وبعضهم يجد سبلاً أخرى لمساعدة مجتمعاتهم كأفراد. إن تسليط الضوء على عمل مجموعات مثل «الخوذ البيضاء» و«عائلات من أجل الحرية» أو غيرهم من الصحفيين ومخرجي الأفلام، مثل هبة بركات ووعد الخطيب، وسيلة فعالة لإظهار الإيجابية التي يُبديها الناس في ظروفهم القاهرة. وهو ما يبعث برسالة يطغى فيها التفاؤل على عقدة الضحية.
- رؤية لمستقبل أفضل. كانت الآمال المتعلقة بالحرية وبمستقبل أفضل هي ما دفع السوريين إلى النزول إلى الشارع عام 2011. والحفاظ على هذه الرؤية كجانب من حملاتنا ضروري لمنح الناس الطاقة والإلهام لاتخاذ الإجراءات اللازمة.
دعوة للتحرك
يتلخص الهدف الأساسي من أي حملة في إحداث تغيير محدد، وغالباً ما يتحقق ذلك عن طريق إلهام عدد كبير من الأشخاص للقيام بعمل ما، الأمر الذي من شأنه إقناع أصحاب السلطة بإحداث التغيير. بدلاً من ذلك، يمكنكم التواصل مباشرة مع من تحاولون إقناعهم. وفي كلتا الحالتين، يتعين عليكم الوضوح فيما تطلبون فعله من المجموعات أو الأفراد. هذه دعوتكم إلى التحرك.
إليكم بعض الأمثلة، ولكن لا تتقيدوا بهذه القائمة! إذ يمكن للطلبات غير المتوقعة أن تجذب انتباه الناس. يمكنكم أن تطلبوا من الناس التالي:
- كتابة رسالة إلى ممثليهم السياسيين.
- توقيع عريضة.
- الاتصال بالسفارة أو صناع القرار.
دراسة الحالة
بناء حملة: من أين تبدأ
- ارتداء قميص موحد.
- الانضمام إلى احتجاج.
دراسة الحالة
أشلاء في السفارة الروسية
- مشاركة فيديو أو محتوى على وسائل التواصل الاجتماعي.
دراسة الحالة
ستيفن هوكينغ وسوريا
- تعبير عن التضامن أو أي أشكال التحدي لما يحصل.
دراسة الحالة
تحدي دلو الثلج
الحلفاء
حدّدوا رفاقكم المحتملين أو من يمكن التنسيق معهم لإحداث التغيير. فيما يلي بعض الأفكار:
- الناشطون الحقوقيون أو منظمات المجتمع المدني.
دراسة الحالة
كوكب سوريا
- الفنانون والموسيقيون.
دراسة الحالة
بناء حملة: من أين تبدأ
- الشركات.
- المصممون الإبداعيون ومخرجو الأفلام.
دراسة الحالة
فيديو «في الاتجاه المعاكس»
- المشاهير.
- السياسيون اللطفاء المتعاطفون.