عائلات من أجل الحرية

انطلقت «عائلات من أجل الحرية» بشكل رسمي في شباط عام 2017 في محادثات السلام السورية في جنيف. كنا قد حاولنا على مر السنوات التأثير على قضايا الاعتقال والاختفاء القسري، جنبناً إلى جنب مع منظمات المجتمع المدني السورية الأخرى. نحن نعلم أهمية هذه القضية لمعظم السوريين، ولكن التقارير كانت قليلة للغاية وكذلك الاشتباك العالمي العلني بهذه القضية.

الكثير من العائلات في سوريا لديها معتقلين، إخوة، عائلة كاملة، آباء، أزواج. وبسبب هذه المعاناة والألم، قررنا إنشاء مجموعة صغيرة لتكون صوت المعتقلين والمطالبة بحقوقهم وعدم نسيانهم. إنها قضية إنسانية قبل كل شيء.

بيان الشربجي – عائلات من أجل الحرية

تمثلت نظريتنا في التغيير في التفكير بأن إيصال حجم وشدة أزمة الاختفاء القسري – وهي واحدة من أكبر الجرائم ضد الإنسانية التي تحدث الآن – سيمكننا من إجبار الأطراف المتحاربة، والحكومات المتداعية إلى طاولة المفاوضات لمناقشة مستقبل سوريا، على جعل إطلاق سراح المعتقلين أولوية. كنا نأمل بإحراز بعض التقدم عبر إدراج قضية الاعتقال على أجندة محادثات السلام.

ولم يكن من السهل إيصال حجم الأزمة وأهوالها. كانت «صور قيصر» المسرّبة من السجون السورية في غاية الوحشية، وكذلك قصص التعذيب التي كان يرويها الناجون. كان ثمة شعور طاغٍ بالعجز والتردّد في صفوف الناس. كانت العائلات تخاف من التحدث عن أحبائها المسجونين لئلا يؤدي نشاطها إلى زيادة تعذيب أحبائها أو إعدامهم. هذه العقبات عسّرت النجاح في توجيه التركيز الدولي إلى الاعتقال والاختفاء القسري، الأمر الذي ناسب المسؤولين عن ذلك، بطبيعة الحال.

وفي إحدى حلقات العمل التي نظمتها منظمتا دولتي والنساء الآن من أجل التنمية، قابلنا أمينة خولاني، والتي ألقت كلمة مؤثرة عن إخوتها الذين اعتُقلوا في سوريا، وتمكنت من إبكاء كل من في القاعة. بمساعدة من منظمتي دولتي والنساء الآن، قمنا بالتواصل مع أمينة وناشطات من أسر أخرى أبدين استعدادهن لكسر الصمت الذي يلف قضية الاعتقال والاختفاء. قمنا بدعوتهن إلى محادثات السلام المقامة في جنيف في شباط 2017، حيث تَمَكَّنّ من دفع قضية الاعتقال إلى رأس الأولويات، ومن التحدث إلى الإعلام ورواية قصصهم.

قررت النساء الخمس اللواتي حضرن إلى جنيف مواصلة العمل معاً تحت اسم عائلات من أجل الحرية. وكتبن بيان المجموعة التأسيسي ومطالبها في غضون ساعة.

عبر الوسائط البصرية والمقابلات الإعلامية والبيانات العامة، تمكنت حركة عائلات من أجل الحرية من حشد الناس حول مطالبها بالحرية والعدالة من أجل المختفين في سوريا. وسارعت مجموعات أخرى من المجتمع المدني ومدنيون سوريون إلى دعمها، ما زاد من شرعية عائلات من أجل الحرية وأظهر الدعم الواسع لمطالبها. كما تواصلت مع مجموعات أخرى تمثل أسر المفقودين في دول أخرى، مثل البوسنة ولبنان.

وتمكنت عائلات من أجل الحرية من لفت النظر إلى قضية الاعتقال بطريقة لم تتمكن مجموعات أخرى من القيام بها. ورغم محاولة «حملة من أجل سوريا» الاستفادة من التقارير والأبحاث المتعلقة بالاعتقال والاختفاء لدفع الناس إلى الانتباه، غير أن الناس لم تستمع إلا حين اجتمعت نساء كنّ في قلب الكفاح وتحدثن كحركة. وكان من المستحيل حتى على أقسى الساسة أو صانعي القرار أن ينكروا شجاعتهن الأخلاقية.

وقد حظيت مطالب عائلات من أجل الحرية بتغطية واسعة في وسائل الإعلام منذ تأسيسها، من قناة الجزيرة إلى صحيفتي الغارديان ونيويورك تايمز. وتظل هذه الحركة واحدة من أقوى الأصوات المنادية بقضية المختفين في سوريا، ومن الأهمية بمكان إبقاء هذه القضية على الأجندة السياسية. كما تتعاون عائلات من أجل الحرية بشكل منتظم مع بعض مجموعات سورية رائعة أخرى تمثل عائلات المختفين، مثل «رابطة عائلات قيصر» و«تعافي».

تعمل عائلات من أجل الحرية الآن مع نساء في كل من سوريا وتركيا ولبنان وألمانيا وإنكلترا. وهي تمثل أكثر من 2,500 شخص، وتتألف لجنتها التوجيهية من متطوعين، بمن فيهم جميع الأعضاء المؤسسات. ورغم صعوبة تنسيق حركة تطوعية في العديد من الأماكن، وفي موضوع بالغ الحساسية والأهمية، إلا أن حملة من أجل سوريا تفخر بقدرتها المتواصلة على دعم برنامج عائلات من أجل الحرية، إلى جانب شركائنا في دولتي والنساء الآن من أجل التنمية.

ما تعلمناه

يُعد بناء حركة أمراً صعباً ويستغرق وقتاً طويلاً، ولكن أحياناً يكون هذا العمل الشاق في بناء حركة شعبية هو الوسيلة الوحيدة لإحداث التغيير وتحقيق الأثر.