تقرير «قتل الحقيقة»
لطالما شكّل الدفاع المدني السوري، المعروف أيضاً باسم الخوذ البيضاء، تهديداً مزدوجاً لنظام الأسد ومؤيديه.
أولاً، تحبط أعمال الإنقاذ الناجحة للمتطوعين من الخوذ البيضاء قدرة النظام على تهجير المدنيين من مناطق المعارضة عبر الهجمات العشوائية. فالعلم بوجود الخوذ البيضاء للإنقاذ إذا سقطت قنبلة على المنزل، يشكّل مصدراً للراحة لأولئك الذين يواجهون حملات الإبادة.
ثانياً، تهدد الخوذ البيضاء النظام وحلفاءه عبر توثيقها ما يجري. فكاميرات الخوذ التي يرتديها المتطوعون توثق الهجمات غير القانونية التي يرتكبها نظام الأسد وحلفاؤه وتجمع أدلة على جرائمهم.
كان ثمة دائماً نظريات مؤامرة حول الصراع السوري. ولكن حين انخرطت روسيا بشكل نشط في حملة القصف الجوي، حصل تدفق كثيف للمعلومات المضللة التي تستهدف الخوذ البيضاء. أصبح المتطوعون الشهود الرئيسيين على جرائم الحرب، وسعت روسيا لإسكاتهم، فبدأت جيوش المتصيدين على الإنترنت بنشر الأكاذيب حول الخوذ البيضاء، ما أدى إلى تردد بعض الناس في دعمهم.
ولاستحالة مواجهة جميع الحملات المضلّلة على الإنترنت، أردنا تقديم دليل قاطع على أن هذه مجرد حملات تضليلية، وأن انتشارها جزء من جهد منسق لقتل الحقيقة.
أمضينا ستة أشهر في العمل مع مجموعة باحثين مستقلين تضم خبراء في مجال التضليل عبر الإنترنت، تعمل تحت اسم «غرافيكا»، لتحديد كيفية انتشار الأكاذيب على الإنترنت. بحثنا أيضاً في كيفية قيام شبكات روسية رسمية بتطوير شبكات من المدونين والأكاديميين والمشاهير والمنظمات غير الحكومية المزيفة، لإعطائهم مظهر المصادر التي تمتلك معلومات موثوقة.
لدى اكتمال البحث، أدركنا أن ثمة خطوة أكثر أهمية يجب القيام بها. فقررنا دعوة شريك إخباري موثوق، لنشر عملنا، وتضمينه في حساب موثوق، مع بعض التحقيقات والتقارير الإضافية.
تواصلنا مع الغارديان، وعرضنا عليها حقاً حصرياً في النشر. وقامت الصحيفة من جانبها بعد ذلك بإجراء مقابلات معمقة وعمليات تقصي حول الحقائق المنشورة، وهو بالضبط ما كنا نأمل به: كشف رسمي لحملة التضليل المدعومة من روسيا ضد الخوذ البيضاء. ويستمر نشر مقالتهم وتقريرنا، والإشارة إليهما كوسيلة لفضح الأكاذيب على الإنترنت.